السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السجون السرية والممارسات التي ترتكب فيها قد تصل الي حد اعتبارها "جرائم ضد الانسانية" هذا ما خلص اليه خبراء أمميون في تقرير مفصل أعدوه عن حالات السجون السرية احد عناصر ميراث الرئيس الامريكي السابق چورچ بوش المشين. والتقرير قد يحرج العديد من الدول، من ضمنها الولايات المتحدة وعدد من البلدان العربية. التقرير الذي صدر حول الاعتقالات السرية في العالم في إطار ما يعرف بالحرب علي الإرهاب يؤكد الشكوك التي ترددت حول احتمال تورط العديد من الدول فيما عرف بالسجون أو المعتقلات السرية أو ممارسة التعذيب بالوكالة، لحساب أجهزة الاستخبارات الأمريكية ضد من يشتبه في تورطهم في عمليات إرهابية.
ويعد التقرير الذي ورد في 222 صفحة وسهر علي إعداده كل من المقرر الخاص لحماية حقوق الإنسان في إطار الحرب ضد الإرهاب والمقرر الخاص لمناهضة التعذيب وفريق العمل المعني بمناهضة الاعتقال التعسفي وفريق العمل المعني بالاختفاء القسري، أول تقرير شامل يعطي نظرة عن تفشي ظاهرة السجون السرية، خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 . ويري معدو التقرير، الذي شمل 66 بلدا واعتمد علي استجواب 30 شخصا وعلي أجوبة 44 بلدا، أن "الاعتقالات السرية أصبحت ظاهرة معممة، تعززت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وأنه علي الرغم من وجود قوانين دولية، مازالت هذه الممارسات قائمة في كل أنحاء العالم، خصوصا في مجال محاربة الإرهاب". ويري التقرير أن "الحرب ضد الإرهاب، التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق چورچ بوش"، بعد 11 سبتمبر، عملت علي "خلق نظام سجون سرية تطور تدريجيا وبطريقة منسقة لاعتقال كل من يشتبه في ممارسته للإرهاب، وهذا ليس فقط من قبل السلطات الأمريكية، بل أيضا من سلطات دول أخري في كل أنحاء العالم". وتوصل الخبراء الي أن من حق الضحايا وعائلاتهم الحصول علي تعويضات وان يتم تقديم مرتكبي تلك الجرائم للمتابعة القضائية. ويرون أن الاعتقال السري يعتبر انتهاكا صارخا للمعايير الدولية ولحقوق الإنسان وللقانون الانساني الدولي، وهذا حتي في حالات الطوارئ او أثناء الصراعات المسلحة. ويذهب الخبراء الي حد اعتبار أن "حالات الاعتقال السري، إذا ما اقترنت بحالة اختفاء قسري وتمت ممارستها علي نطاق واسع وشامل، قد تعتبر بمثابة جرائم ضد الإنسانية". وحظيت ممارسات وكالة المخابرات الأمريكية بمكانة بارزة في هذا التقرير، بحيث استعرض التراخيص القانونية وغيرها التي حصلت عليها لممارسة عمليات الاعتقال السري، سواء في مؤسساتها أو عبر مؤسسات الدول التي تخوض فيها حروب، مثل العراق وأفغاسنتان، أو عبر سلطات دول تولت العملية نيابة عنها، ومن ضمنها العديد من الدول العربية وهي الدول التي يصفها التقرير بـ "الدول ذات السجل الضعيف في مجال احترام حقوق الإنسان". ويقول التقرير "إذا كان أول امر أرسل من بوش لوكالة المخابرات المركزية لاستخدام منشآتها للاعتقال السري قد صدر في 17 سبتمبر 2001 فإن حجم ممارسة الاعتقال التعسفي لم تعرف بالتفصيل إلا في شهر مايو 2009 وأن التقرير الرسمي، الذي يقوم النائب العام الأمريكي علي اعداده حاليا، يتحدث عن 94 معتقلا استخدمت أساليب الاستجواب الخاصة في حق 28 منهم وبشكل متفاوت". وقد تم نقل 14 من بين 28 معتقلا من سجون وكالة المخابرات المركزية الي جهات مجهولة في معتقل جوانتانامو، من ضمنهم الفلسطيني ابو زبيدة واليمني رمزي بن الشيبة والسعوديان عبد الرحيم الناشري ومصطفي الحوصاوي واليمني وليد محمد بن عطاش والليبي أبو فرج الليبي. يذكر أن الوثيقة الرسمية الوحيدة التي أشارت بالتفصيل الي طريقة معاملة هؤلاء المعتقلين ، هي تقرير فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي الصادر في 1 سبتمبر 2006 واعتمد في معظمه علي ما تم تسريبه عن تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي لم ينشر رسميا ابدا. كما اشار التقرير الي ما سربته جهات رسمية ومخابراتية أمريكية عبر وسائل الإعلام الأمريكية خصوصا عن مراكز اعتقال واستجواب في بعض البلدان مثل تايلندا. كما أشار التقرير الي ما أثير من نقاش في المجلس الأوروپي بخصوص وجود مراكز اعتقال في عدد من الدول الأوروپية أو استخدام المخابرات الأمريكية لمطارات بعض الدول الأوربية لنقل المعتقلين في رحلات مموهة. وافغانستان من الدول التي تم تسجيل أكبر قدر من حالات الاعتقال التعسفي ومراكز الاعتقال السرية. فقد عرف سجن الاعتقال السري الموجود في قاعدة باجرام الجوية ومركزا الاعتقال الموجودين بالقرب من العاصمة كابل والمعروفان باسم "السجن المظلم" و"البئر المالح"، وهي المراكز التي أشار العديد من المعتقلين السابقين أثناء استجوابهم الي أنهم مروا بها لفترات متفاوتة أثناء اعتقالهم. وفي العراق، حيث زعمت القوات الأمريكية تطبيق بنود معاهدة چنيڤ، يقول التقرير لم يسمح حتي للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة مراكز الاعتقال في العديد من الحالات، كما أن بشاعة الاعتقال في سجن ابو غريب لم تعرف إلا بعد نشر صور لإساءة معاملة المعتقلين من قبل المشرفين عليهم. وقد أشار التقرير بالاعتماد علي مراجع أمريكية الي وفاة 98 معتقلا كانوا رهن الاعتقال في أبو غريب وفي مراكز اعتقال أمريكية بالعراق.
دمتم بود